أجابت في طمأنينة: أنا ملكة..، نعم أنا ملكة..، ملكة في مملكتي الصغيرة..،آمر وأنهى..، أعطي وأمنع..، أطلب و يأتيني ما أريد..، أخرج فيوصلني ولي أمري للمكان الذي أريد دون أن أتعرض لإزعاج هذا أو مضايقة ذاك..،ألبس حجابي الشرعي فلا تمتد أعين ذاك لي وأنا الجوهرة الثمينة والدرة المصونة، حولي أبًّ.. أخًّ .. خالًّ وعم..، زوج وابن و ابن أخت..، حفيد و ابن أخ..، كل هؤلاء في خدمتي، في رعايتي، وإن ظلمني أحدهم يممت وجهي شطر آخر، وإن عدمت الوسيلة فالشريعة كفلت لي حقوقي كاملة..، بالله عليكم هل أتجرّد من ملكي..؟!..، بالله عليكم .. هل تصفون ملكة وجدت ما وجدت من أرزاق و علم و صيانة ورعاية ثم تطالب بعزلها لتعمل خادمة بغير الجنون وسوء التدبير........؟!
أنا ملكة .. فلماذا ألقي بالاً لعباد شهواتهم..؟!..لماذا أعزل نفسي لأصبح خادمة لأهوائهم و نزواتهم..؟!.. لماذا أخرج من قصري لأختلط بهم في نواديهم و ملاعبهم..؟!..
أنا ملكة.. فلماذا أنزع حجابي وهو تاجي من على هامتي وألقي به على كتفي لأطبق تعليماتهم..؟!..بل لمَ يصل الحال بي أن أخلعه وأرمي به بعيداً وقد كان ومازال رمز عفافي وحيائي والصائن لنضارتي وجمالي..؟!!
أنا ملكة.. أملك جواهر نفيسة و درر ثمينة فلماذا أتعرّى أمامهم وأكشف ما أملك ليكون عرضة للنهب والسرقة..؟!..
أنا ملكة.. فكيف بالله عليكم تقود ملكة سيارتها بنفسها.. ؟!..، أو تصلح إطار مركبتها على لهيب الأرض الحارقة بيديها...؟!!
أنا ملكة.. فهل يعقل أن تقوم ملكة بملاحقة أوراقها بنفسها أم يكون لها وكلاء ينوبون عنها ويكفونها المؤونة ويعينوها..؟!!
أنا ملكة..فلأستعلي في الطريق العالي.. ولأمضي في طريقي.. ولأحافظ على مملكتي .. ولأحرص على تحصينها بما أستطيع.. ولأدافع عنها بكل ما أستطيع..!
أنا ملكة.. فلأرفع هامتي منتصرة.. ولأستمتع بحصاد الثمرة.. ولأتركهم خلف حصوني المانعة يسترقون النظرة.. وأنا أنهل من معين لا ينضب.. وأستزيد من علوم الدين والدنيا النافعة دون أن أسمح لهم برؤية اظفري أو ملاحقة خطواتي الواثقة..!
أنا ملكة.. فلأتركهم في غيهم يمضون.. فما هم إلا كالراقم على الماء.. ولا يضر السحاب نباحهم.. بل تأتي مثقلة بالمياه.. فتغيث الناس وتغيظ الأعداء...!
أنا ملكة.. فلأضع يدي في يد أخواتي الملكات .. ولنعلنها تعاون واتحاد.. في وجه العلمانية والإلحاد.. ، لننشر الخير والنماء.. العلم والعطاء.. الأمان و الحياء...!
أنا ملكة.. فلتفوا يا أولياء الأمور بحقوق البيعة..!، ولتكونوا نعم الرعاة البررة..!، فأنتم بأداء أمانتي وصيانة عرضي وحيائي مطالبون.. ، وستقطفون الثمرة يوم ينادى في الجموع ( وقفوهم إنهم مسؤولون)..!