بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف و أطهر المرسلين سيدنا و نبينا وقدوتنا محمد و على آله و صحبه و من تبعه بإحسان إلى يوم الدين
أما بعد:
طبتم و طاب ممشاكم و تبوأتم من الجنة مقعدا,
هذا الموضوع يحكي عن قصة فتاة خرجت من ظلمات الدنيا إلى نور الإيمان, فتاة كانت بعيدة عن ربها تائهة لاهية , لكن الرب سبحانه رحيم و حليم بعباده أراد أن يغير حياتها ,أنعم عليها بنعمة لا تكفي الكلمات و لا العبارات لوصفها وهي نعمة الهداية .فالحمد لله الذي هدانا لهذا الدين و الحمد لله الذي أعزنا بالإسلام و الحمد لله الذي أخرجنا من ظلمات الفجور و العصيان إلى نور الإيمان.
تقول الفتاة و هي تحكي قصتها باختصار:
,أحكي هذه القصة شفقة و خوفا و أملا من أن تجد صدا في قلوبكم ,فربما يسمعها قلب لاه عاص , فيعتبر و تكون سببا في توبته , أُشهد الله أني كتبت كل ما أحسسته بصدق .
كانت بداية توبتي في شهر رمضان قررت أن أغلب شيطاني و أرتدي حجابي كان ذلك فضل من الله أن منّ عليّ بارتداء الحجاب في ذلك الشهر المبارك , كان الأمر صعبا في البداية, أن أتغير من فتاة متبرجة كل همها اللباس و التنزه و التمتع بملذات الدنيا إلى فتاة ملتزمة إن صح القول, لكن الله عز و جل لا يعجزه شيء, فالله سبحانه أشد فرحا بتوبة عبده وحين يعلم الله أننا نريد التوبة بصدق يكون سنداً لنا و ييسر لنا كل شيء كنا نراه صعبا . فبدايتي لم تكن بحجاب شرعي بل بحجاب متبرج ,وهذا لجهلي بأحكام و شروط الحجاب في ذلك الوقت . و لكن سبحان الله خطوة بخطوة بدأت أتغير, بدأت أنتقل من حال إلى حال , قلت لنفسي أنتي الآن محجبة أي أنكي تحملين مسؤولية الحجاب لا يجوز لي أن أكون قدوة سيئة للآخرين, كان من البديهي أن أبدأ بتعلم ديني و معرفة أحكامه و شروطه لأن ثقافتي الدينية كانت قليلة جدا .
وما أروع أن تحس كأنك تولد من جديد, ما أروع أن تحس بأنك تخرج من ظلمت العمى إلى نور البصيرة , ما أورع أن ترى الأشياء على حقيقتها و تكتشف أن ما كنت تظنه صوابا هو مجرد سراب,أصبحت أكره تلك الأيام التي كنت بعيدة فيها عن الله تلك الأيام التي مرت من عمري دون أن أعرف سبب وجودي في هذه الدنيا, و الذي هو عبادة الله لا عبادة الهوى و الشيطان, تلك الأيام التي كلما تذكرتها وددت لو أن الأرض انشقت و بلعتني لما حصل مني من تقصير و إعراض و عصيان, لكني تذكرت أن الله تواب رحيم و أن الرجوع إلى الوراء و التأثر بالماضي حمق و ضياع للحاضر وأن الذي يجب عليّ الآن هو التكفير عما فعلت بالتوبة و الأعمال الصالحة و الالتزام بشرع الله و البعد عن كل ما حرم الله عسى أن يقبل توبتنا و يغفر لنا ذنوبنا و يثبتنا على هذا الدين. و بما أن هذه الدنيا دار ابتلاء و اختبار كان لابد أن أعيش ما عاشه و يعيشه كل إنسان اختار طريق الله , فكل شيء له ضريبة و ضريبة الالتزام عقباته من شهوات الدنيا و الركون إليها و تسفيه بعض أفراد المجتمع ,و الإحساس بالغربة وبعد الأهل و قسوتهم. عقبات تحتاج لصبر و قوة إيمان, و نحن بطبعنا ضعفاء إلا من رحم ربي,إيماننا يقوى مرة يضعف مرات, و لكن مهما كانت هذه العقبات و كيفما كان نوع الابتلاء لو إلتجأنا إلى الله و ناجيناه بصدق و اعترفنا له بضعفنا و بأننا لا حول لنا و لا قوة إلا به و شكوْنا إليه حالنا , لهانتْ علينا كل هذه العقبات. ثم ماذا تساوي هذه الابتلاءات أمام تلك التي عاشها رسول الله صلى الله عليه و سلم و أصحابه و من تبعهم من الصالحين ,سيرته صلى الله عليه و سلم تحكي لنا عن حوادث و إضطهادات تقشعر لها الأبدان , قابلها الرسول صلى الله عليه و سلم و أصحابه بالصبر و الثبات و قوة الإيمان .
و كما يقولون حلاوة ترك المعصية أحسن بكثير من حلاوة المعصية, و مسكين من عاش في هذه الدنيا و خرج منها دون أن يذوق حلاوة الإيمان دون أن يعيش جنة الدنيا و التي هي القرب من الله.جنة تحس فيها بأنك في عالم آخر غير هذا العالم تسمو فيها الروح و ترتقي.فلا مال و لا قصور و لا شيء في هذه الدنيا يساوي لحظة واحدة من تلك اللحظات( اللهم لا تحرمنا بذنوبنا من حلاوة مناجاتك و من حلاوة الإيمان )
أنا الآن أرجو من كل إنسان عاش مثلي و كان بعيدا عن الله أن يرجع و يتوب إليه, لا تقل لا أستطيع, فقط أصدق الله و تُبْ بصدق و سترى أن أبواب الخير كلها تفتح لك. ولا تنسوني بدعائكم,أحبكم في الله.